السياسة, الدول العربية, أخبار تحليلية

مسيحيو لبنان يتطلعون إلى دور أكبر بعد زوال خطر "داعش" (تحليل)

بعد هزيمة "داعش" وتحرير عدّة مناطق في جرود (ضواحي) السلسلة الشرقية للبنان من عناصر التنظيم، يحاول المسيحيون لعب دور، ويأملون في عودة الدولة إلى لعب دورها على كل الأصعدة، لأنهم يعتبروها الضامن الوحيدة لبقائهم في أرضهم

Wassim Samih Seifeddine  | 15.02.2018 - محدث : 15.02.2018
 مسيحيو لبنان يتطلعون إلى دور أكبر بعد زوال خطر "داعش" (تحليل)

Lebanon

بيروت/ إدوار حداد/ الأناضول

شكّلت نهاية تنظيم "داعش" الإرهابي وهزيمته في العراق متنفسًّا لكلّ سكان المنطقة، لا سيما مسيحيو لبنان والشرق.

وأدّى الظهور العسكري لتنظيم "داعش" بالعراق في يونيو/حزيران عام 2014، وتمدّده إلى سوريا واحتلاله مناطق عدّة في جرود (ضواحي) السلسلة الشرقية للبنان، التي تشكّل النقطة الحدودية مع سوريا، إلى بروز مخاوف كبرى لدى مسيحيي لبنان.

غير أنه بعد هزيمة "داعش" وتحرير بلدتي رأس بعلبك والقاع ذات الأغلبية المسيحيتة في جرود من عناصر التنظيم، يحاول المسيحيون لعب دور أكبر، ويأملون في عودة الدولة إلى لعب دورها على كافة الأصعدة، باعتبارها الضامن الوحيد لبقائهم في أرضهم.

وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، طُرد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي من أطراف بلدات "رأس بعلبك"، و"الفاكهة"، و"القاع"، شرقي لبنان، في عملية أطلق عليها "فجر الجرود".

ولبنان هو البلد الوحيد في المنطقة، الذي يرأسه مسيحي ماروني، وفق اتفاق الطائف الذي أنهى حرباً أهلية ( 1989 -1975)، ويشغل المنصب حالياً العماد ميشال عون.

ويوصف الدور المسيحي بالمحوري؛ لا سيما دور أبناء الطائفة المارونية، الذين يشغلون أعلى المراكز في الدولة (رئيس الجمهورية، قائد الجيش، حاكم مصرف لبنان، عدد كبير من الوزراء والنواب وموظفي الفئة الأولى في الدولة).

ودعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى عقد قمة إسلامية مسيحية في مقره في بكركي (وسط غرب) من أجل توحيد الصوت في قضية القدس، رداً على إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ديسمبر/كانون الأول القدس عاصمةً لإسرائيل.

وقال نائب البطريرك الماروني، المطران بولس صياح، في حديث للأناضول، إن "المسيحيين موجودون، ويلعبون دورهم ليس فقط في لبنان بل على صعيد المنطقة، وتمثل القمة الروحية التي عقدت في بكركي أكبر مثال على الدور المسيحي (أقيمت 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي)".

وأضاف أن "مسيحيي لبنان سباقون إلى طرح مشكلات المنطقة، وأزماتها ومحاولة إيجاد حلول، وقد جمعت البطريركية المارونية كل الشخصيات الإسلامية والمسيحية من أجل طرح مسألة القدس، وهذا يدل على التلازم بين المسيحين ومشكلات المنطقة".

وتابع صياح: "الإرهاب يضرب الجميع، ولن يخيفنا فهو لم يستثن أحدًا، ولا نقف عند مرحلة واحدة من الزمن بل إننا نتطلع إلى الأمام".

واعتبر أن "أداء رئيس الجمهورية الماروني مميز باعتراف جميع قادة الدول، وظهر ذلك جليًا خلال أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وطرح مسألة القدس".

وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، عاد الحريري إلى بيروت بعد 18 يومًا على إعلان استقالته من رئاسة الحكومة، في كلمة متلفزة من السعودية، وسط اتهامات للرياض بإجباره على الخطوة.

وتظهر أهمية الحضور المسيحي في لبنان من خلال المشاركة في قمم إسلامية، حيث شارك الرئيس ميشال عون في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي في 13 ديسمبر/كانون الأول 2017 بإسطنبول، التي خصصت لبحث تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وألقى عون كلمة مهمة عن القدس والقضية الفلسطينية.

وأثنى رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، خلال استقباله نظيره اللبناني سعد الحريري في 31 يناير/كانون الثاني الماضي على حضور عون، قائلًا: "كانت له كلمة مؤثرة جدًا، فشكرًا جزيلًا له مرة أخرى".

وعانى المسيحيون في لبنان بعد توقيع اتفاق "الطائف" (وقع في السعودية عام 1989 وأنهى الحرب الأهلية) من إقصاء سياسي مارسه النظام السوري الذي كان موجودًا، حيث نُفي رئيس الحكومة الانتقالية آنذاك، العماد ميشال عون، وسُجن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

وينص "اتفاق الطائف"، الموقع بين الفرقاء اللبنانيين في 30 سبتمبر/أيلول 1989، الذي أنهى حربًا أهلية امتدت 15 عامًا، على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يراعي قواعد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، ويؤمن صحة التمثيل لجميع فئات الشعب اللبناني، ولم يحدد الاتفاق طبيعة هذا القانون.

وعاد الزعماء المسيحيون إلى السلطة بعد الانسحاب السوري من لبنان في إبريل/نيسان 2005، وإطلاق سراح جعجع وعودة عون ليلعبوا دورًا في الحياة السياسية.

وارتفعت الصرخات المسيحية المعترضة على تهميش دورهم السياسي؛ خصوصًا في بناء السلطة، وانتخاب النواب، حيث أعطى 64 نائبًا للمسيحيين و64 للمسلمين، غير أن اختلال الميزان الديموغرافي لصالح المسلمين، جعلهم ينتخبون معظم النواب المسيحيين.

وقالت مصادر سياسيّة، للأناضول، إن الشكوى المسيحية بعد انتخاب عون رئيسًا، وإبرام التفاهم بين حزب "القوات"، و"التيار الوطني الحرّ" (أكبر قوتين مسيحيتين) قد انخفضت، لأن المسيحيين عادوا إلى الحكم، وبدأوا يحققون مطالبهم.

وأضافت المصادر، التي فضلت عدم كشف هويتها، أن الوجود المسيحي يرعاه رئيس الجمهورية المسيحي والكتل والأحزاب المسيحية، ولا شك أن اندحار الإرهاب أرسى الطمأنينة في نفوس المسيحيين.

وأوضحت أن "الدور السياسي الذي يطلع به المسيحيون كبير من خلال المؤسسات، من خلال حضور رئيس الجمهورية القمم الإقليمية والدولية والحديث باسم الدولة اللبنانية.

ويزور بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، مار يوسف الأوّل، الفاتيكان، السبت المقبل، ويلتقي البابا فرنسيس، ويطلعه على أوضاع مسيحيي الشرق، والملفات الكنسية.

ويرافق البطريرك الكاثوليكي، راعي أبرشية بعلبك (البقاع) للروم الملكيين الكاثوليك المطران إلياس رحّال.

وقال المطران رحال للأناضول، إن التنسيق بين الكنائس الشرقية والفاتيكان قائم، وسنبحث مع البابا كل الملفات.

وأشار إلى أن خطر "داعش" قد زال، وأبناء منطقة الشريط الحدودي الشرقي يعيشون بأمان ومتمسكون بأرضهم.

واعتبر أنه "يتوجب على مسيحيي لبنان لعب دورهم الحقيقي، وأن يستعيدوا حقوقهم، فلا عودة إلى الوراء ولا تراجع عن الدور"، مضيفًا: "فنحن نصف البلد".

ويبلغ عدد سكان لبنان نحو 5.4 مليون نسمة، ولا توجد أرقام حديثة بنسبة المسيحيين والمسلمين، وسط تقارير غير رسمية عن تراجع أعداد المسيحيين مؤخرا نتيجة ارتفاع معدلات الهجرة.

ورأى أنّه على المسيحيين أن يتحدوا، وأن يلعبوا دورًا جامعًا بين أبناء الطوائف.

وفي 27 يونيو/حزيران 2016 شهدت بلدة القاع المسيحية على الحدود مع سوريا هجوما شنه ثمانية انتحاريين من "داعش" في يوم واحد، ادى إلى مقتل 5 من أبنائها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın