اقتصاد, الدول العربية, أخبار تحليلية

الصادرات السودانية أسيرة العقوبات الأمريكية وإجراءات حكومية منفرة

نسبياً، نجح السودان إبان قفزته النفطية في الفترة بين عامي 2000 و2011، في تحجيم الأضرار المترتبة على العقوبات التي عزلت اقتصاده عن السوق العالمية، منذ فرضها في 1997

21.03.2017 - محدث : 21.03.2017
الصادرات السودانية أسيرة العقوبات الأمريكية وإجراءات حكومية منفرة

Hartum

الخرطوم / نازك شمام / الأناضول

رزح الاقتصاد السوداني على مدار عقدين من الزمن تحت وطأة عقوبات أمريكية، ضغطت سلباً على قطاعات البلاد كافة، وجعلتها عاجزة عن تصدير نفطها وعديد السلع الزراعية، وحصار القطاع المصرفي في البلاد.

ونسبياً، نجح السودان إبان قفزته النفطية في الفترة بين عامي 2000 و2011، في تحجيم الأضرار المترتبة على العقوبات التي عزلت اقتصاده عن السوق العالمية، منذ فرضها في 1997.

ويعود الفضل للصين في استخراج النفط السوداني؛ إذ لم تكترث لعقوبات واشنطن التي تحظر على أي مؤسسة لها معاملات مالية وتجارية على التراب الأمريكي عقد شراكات مماثلة مع الخرطوم.

ويرى خبراء أن الحكومة لم تكترث لتحذيرات الولايات المتحدة، من الانزلاق إلى ما يصطلح عليه بـ"المرض الهولندي"؛ أي جعل الاقتصاد ريعياً باعتماده على النفط، كمورد ناضب، مع تجاهل موارد مستدامة، مثل القطاع الزراعي.

ويمتلك السودان مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدان.

وفي الشق الحيواني، يتمتع السودان بـ102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراعي طبيعية، تُقدر مساحتها بـ118 مليون فدان، فضلا عن معدل أمطار سنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب.

وحظيت رؤية المنتقدين لنهج الحكومة بمصداقية، عندما انفصل جنوب السودان في 2011، آخذاً معه ثلاثة أرباع حقول النفط، كانت تدر نحو 50% من الإيرادات العامة.

وخلال الأعوام الـ6 الماضية، كان العجز في ميزان المدفوعات، هو السمة المتواترة للموازنة العامة السودانية، نظير الفجوة التي تقدر بأكثر من النصف، ما بين واردات السودان وصادراته غير النفطية.

ووفق بيانات العام 2016، بلغت فاتورة الواردات 11 مليار دولار، بينما تراجعت قيمة الصادرات إلى 4.7 مليار دولار، مقارنة بـ 5.9 مليار دولار للعام 2015.

ولامتصاص الصدمة الناجمة عن فقدان العائدات النفطية، تبنت الحكومة في 2012، خطة تحت مسمى "البرنامج الثلاثي"، هدفها تقليص الواردات بتحفيز الإنتاج المحلي مع تشجيع الصادرات.

وعندما لم تثمر الخطة بحلول أجلها في نهاية العام 2014، طرحت الحكومة إصلاحات أوسع، من خلال برنامج خماسي، يستهدف تحقيق ذات النتائج؛ ما بين 2015 – 2020.

ومع أن البرنامج تعثر نسبياً خلال العاميين الأوليين، إلا أن وتيرة التفاؤل ارتفعت على المستويين، العام والخاص، عندما قررت واشنطن في يناير/كانون الأول الماضي، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

ورغم أن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق، باراك أوباما، وضع مهلة 6 أشهر، قبل سريان القرار فعلياً في يوليو/تموز المقبل، إلا أن الحكومة تعول على رخصة عامة أصدرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك)، أتاحت استئناف المعاملات المالية والتجارية على الفور.

وتهدف مهلة الـ6 أشهر، لتشجيع الحكومة على تنفيذ تعهداتها لواشنطن، من بينها التعاون في محاربة الإرهاب، وتسوية الحرب الأهلية الدائرة في ثلاث جبهات.

وبعد أيام من قرار رفع العقوبات، قال البنك المركزي السوداني إنه خاطب كافة المراسلين القدامى والجدد، لتسريع حركة التحويلات المالية من وإلى البلاد.

لكن خلافا لآمالهم، لم يستفد المصدرون حتى اليوم من الرخصة العامة لإجراء أي معاملات تجارية، وتحويلات عبر البنوك العالمية.

وأرجع الخبير الاقتصادي السوداني، حسن ساتي، تردد الأجانب في تنفيذ معاملات تجارية مع السودان، إلى رغبة هذه المؤسسات في "انتظار الموقف النهائي بحلول يوليو (تموز) المقبل".

إلا أن ساتي أضاف في تصريح للأناضول، أن المؤسسات الإنتاجية بإمكانها "مراجعة الضرائب والرسوم الحكومية، لجعل أسعار الصادرات أكثر تنافسية".

وتتجنب البنوك العالمية أي معاملات مع الخرطوم، تجعلها عرضة لغرامات أمريكية، مثلما حدث مع بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي الذي اضطر إلى عقد تسوية مع الخزانة الأمريكية في 2014، كلفته نحو 9 مليارات دولار نظير معاملات مالية مع السودان وإيران وكوبا.

وبالنسبة إلى الاقتصادي السوداني أحمد الطيب، فإنه حتى في حال رفع العقوبات "ما تزال هناك كثير من العوائق أمام الصادرات، بسبب سياسات الحكومة الخاطئة".

ورفض "الطيب"، الذي يشغل منصب الأمين العام لغرفة مصدري الصمغ العربي، في حديث مع الأناضول، "الرسوم والضرائب المتعددة التي تفرضها الحكومة على المصدرين؛ ما يرفع أسعار المنتجات السودانية، وبالتالي أقل تنافسية في الأسواق العالمية".

ويستأثر السودان بأكثر من 75% من الإنتاج العالمي للصمغ العربي، بواقع 105 ألف طن للعام الماضي، صدر منها فقط عبر القنوات الرسمية، 65 ألف طن، بقيمة 120 مليون دولار، بينما تم تهريب البقية لتفادي الرسوم والضرائب الحكومية.

ويضيف الطيب مشكلة أخرى، ممثلة في عدم استقرار سعر الصرف؛ إذ "يتحرك السعر الرسمي للدولار الأمريكي في حدود 6.7 جنيهات، مقابل 17.8 جنيها في السوق السوداء".

ويلزم البنك المركزي المصدرين بأن يبيعوا له 10% من عائداتهم من العملات الصعبة؛ وذلك لتغذية الاحتياطي الآخذ في التراجع، خلال السنوات التي أعقبت الانفصال عن جنوب السودان.

وقررت واشنطن رفع عقوباتها الاقتصادية عن الخرطوم، التي كانت فرضتها في 1997 لأسباب تتعلق بإيواء الإرهاب، وشددتها في 2005 و2006 على خلفية الحرب الأهلية بدارفور.

والأسبوع الماضي، أقر إيريك موتو رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، خطة الاقتصاد السوداني نحو التطور وسعيه لتطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي.

وأكد بدر الدين محمود وزير المالية السوداني، في بيان، سعي بلاده الجاد لتطبيع علاقاته الخارجية واستدامة علاقات اقتصادية مستقرة مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية.

وتزور بعثة من الصندوق، السودان، في الفترة من 14 - 23 مارس/آذار الجاري، بهدف الوقوف على أداء الاقتصاد السوداني بحكم عضويته في الصندوق.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.