الدول العربية, أخبار تحليلية

شرقا وغربا .. تحركات مصرية لحصار "داعش"

وسط تأكيد مستمر من القاهرة أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع

14.03.2017 - محدث : 14.03.2017
شرقا وغربا .. تحركات مصرية لحصار "داعش"

Al Qahirah

القاهرة / محمد الريس / الأناضول

شهدت الشهور الماضية تحركات مصرية لافتة شرقا وغربا، عبر التقارب مع حركة حماس الفلسطينية التي كانت توصف في القاهرة بـ"الإرهابية"، وكذلك السعي الحثيث نحو جمع الفرقاء الليبيين لبحث حل سياسي للأزمة.

تلك التحركات اعتبرها خبراء، في أحاديث منفصلة للأناضول، محاولة لـ"حصار" داعش وقطع الإمدادات عنه وبالتالي انحسار عملياته، وذلك عبر مسارين بارزين أحدهما سياسي والآخر عسكري، لاسيما مع تهديد التنظيم الإرهابي شمال شرقي مصر عبر ذراعه "ولاية سيناء"، بخلاف تواجده في ليبيا التي تشهد فراغا أمنيا وصراعات عسكرية.

لماذا التحركات ؟ 

شرقا يقول أستاذ العلوم السياسية المصري حسن نافعة إن هذه التحركات "هدفها التصدي، لتنظيم داعش"، والذي يتواجد في سيناء (شمال شرق) تحت اسم "ولاية سيناء"، وفي عدة مناطق بليبيا الملاصقة للحدود المصرية.

ويضيف: "ما يجري شرقا من توجه مصر للتعاون مع حماس أهم شروطه هو التصدي ومساعدتها في القضاء على داعش، وهو السبب ذاته الذي يقف وراء تحركات مصر في المشهد الليبي لضبط حدودها وهذا يمثل أمن قومي لها".

قريبا من هذا الطرح، يقول اللواء علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (حكومية)، إن مصر تسعى لإنهاء الاضطرابات على الحدود ومنع تسلسل المسلحين من وإلى قطاع غزة وسيناء، وقطع الإمدادات على العناصر الإرهابية بشكل كبير التي تأتي عبر الأنفاق.

بينما يعتبر المفكر الفلسطيني، عبد القادر ياسين، المتواجد في مصر، أن هناك عدة نقاط التقاء بين حماس والقاهرة تجعل الأولى تسعى نحو مصر، ملمحا إلى أن كلمة السر "داعش" الذي أزعج حماس في قطاع غزة، ويعتبرها مرتدة عن الدين الإسلامي، وكذلك في مصر (..) وهذا هدف مشترك".

وخلال الفترة الماضية وبعد زيارات قادة حركة حماس للقاهرة التي لم تعلن تفاصيلها رسميا، فيما خرجت تصريحات قيادة حماس عن فتح "صفحة جديدة" في العلاقات مع مصر، هدمت مصر أكثرمن 13 نفقًا خلال شهر واحد معظمها أنفاق وصفها الجيش بأنها "رئيسية"، بخلاف عشرات أخرى، منذ بدء تحركات السلطات المصرية لإخلاء مناطق بسيناء متاخمة للحدود مع غزة عقب عمليات "إرهابية" في سيناء.

أما غربا فيضيف "عز الدين" أن السلطات المصرية تسعى لمنع الإزعاج على الحدود الغربية أيضا والحفاظ على الأمن القومي المصري ضد محاولات التسلل والتهريب إلى مصر نظرا لحالة الفراغ الأمني لدى الجارة.

ويتفق معه، العقيد الليبي المتقاعد، عادل عبد الكافي، قائلا، في حديثه للأناضول، إن التحرك المصري بجانب تونس والجزائر، وراؤه تهديد الحدود الليبية المشتركة التي تمتد لأكثر من 4 آلاف كيلو متر مع الدول الثلاثة.

وموضحا نتائج الاضطراب الأمني في ليبيا على دول الجوار، يشير الخبير الاستراتيجي عبد الكافي للأناضول إلى وجود أعداد كبيرة من جماعات الهجرة غير الشرعية والتجارة غير المشروعة في السلاح الذي سُرق من المخازن إبان الثورة (فبراير/شباط 2011) بخلاف تمدد العناصر الإرهابية التي تستغل الأوضاع الحالية وتحاول ترسيخ وجودها، وتتخذ من الجبال على الحدود مكانًا لها.


المواجهة بمسارين أولهما .. سياسي

مساران بازران أحدهما سياسي والآخر عسكري استخباراتي، بحسب الخبراء سلكتهما مصر ضد العدو المشترك داعش، على حدودها الغربية والشرقية.

وحسب مصدر أمني مصري مطلع تحدث للأناضول، مفضلا عدم ذكر اسمه، فإن "التفاهمات مع حماس ليست وليدة الشهرين الماضيين وهناك تواصل منذ ما يقرب من عام، وحماس بالفعل أبدت خطوات إيجابية (تحفظ عن ذكرها)".

وبينما لم يذكر المصدر أيًا من هذه الخطوات إلا أنه على طول حدود غزة مع مصر، عززت قوات "الأمن الوطني"، التي تديرها حركة "حماس"، من تواجدها وإجراءاتها الأمنية، كما شنت الحركة أيضا حملة أمنية على سلفيين مناصرين لتنظيم "داعش" واعتقلت العشرات منهم، مؤخرا.

ويضيف: مع إبداء قيادات حماس "نية حسنة"، ارتأت الدولة التعاون وتحقيق مكاسب مشتركة للجانبين معها شريطة ضبط حركة الأنفاق والسيطرة على الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية (من غزة إلى سيناء أو العكس).

ويوضح: "وهو ما بدا جليا خلال الفترة الأخيرة من إعلان الجيش عن تدمير أنفاق رئيسية، وفي المقابل مرور عربات بضائع بشكل مشروع إلى قلب القطاع".

ويصف المفكر الفلسطيني، عبدالقادر ياسين، ما بين النظام المصري وحماس بأنه بداية ذوبان للجليد ويعتبر أن "هناك نقاط التقاء كثيرة حاليا بين حماس ومصر، أهمها خلاف كل منهما مع محمود عباس (الرئيس الفلسطيني)".

ورغم تأكيد القيادة الفلسطينية، مرات عديدة، على عمق العلاقة بين البلدين، والتنسيق عالي المستوى بينها، الا أن تقارير إعلامية ترجع التوتر إلى ما تعتبره دعم مصر القيادة المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، بالإضافة إلى قضية سحب مصر قرارا كانت قدمته لمجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان الإسرائيلي.

أما بشأن التحركات السياسية التي تخص الغرب فيؤكد الأكاديمي، حسن نافعة، أن "مصر تسعى لوجود حكومة مركزية في ليبيا إحدى مهامها الرئيسية هو التصدي للمنظمات الإرهابية وضبط الحدود مع مصر، وبالتالي وجود هذه الحكومة هو مسألة أمن قومي لمصر".

ويشير العقيد الليبي المتقاعد، عادل عبد الكافي، إلى أن "تشكيل داعش يمثل خطرًا على ليبيا ودول الجوار، ما جعل من مصر وتونس والجزائر تستقبل وفودا ليبية أسبوعيًا؛ لحلحلة الأزمة والتفرغ لمشاكلها الداخلية".


المواجهات العسكرية

مواجهة داعش شرقا وغربا، ليس بالتفاهمات السياسية ولكن أيضا بمسار أمني عسكري، وفق حديث الخبراء.

ودخلت الحملة العسكرية في سيناء، شمال شرقي مصر، عامها الرابع، حيث انطلقت في سبتمبر/أيلول 2013؛ لمواجهة عمليات إرهابية متصاعدة وقتها ضد قوات الجيش والشرطة، ولا تزال مصر تستمر في هدم الأنفاق وإخلاء مناطق بسيناء.

وهو ما يؤكده اللواء علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية (حكومي)، قائلا: "بجانب المسار السياسي، لا تزال القوات المسلحة تدك معاقل الإرهابيين في سيناء".

ويضيف: "إلا أن التفاهمات سواء مع حماس عبر السيطرة على الأنفاق أو مع إسرائيل لتفهّم زيادة الآليات العسكرية والأعداد ستسرع من وتيرة انتهاء الحرب في سيناء، حيث انقطعت أحد أهم طرق الإمدادات، وهي الأنفاق التي كانت المنفذ الآمن بالنسبة للإرهابيين".

وحول التحرك غربا، قال المصدر الأمني المصري الذي تحفظ علىكر اسمه إن الجيش المصري يكثّف تواجده على الحدود الغربية مع ليبيا، منذ مدة، لكن تزايدت وتيرته خلال الأشهر القليلة الماضية حيث دفع بتعزيزات عسكرية وكذلك رفع حالة الاستعداد بالنسبة لقوات حرس الحدود.

وأوضح المصدر أن الاستعدادات تنقسم إلى شقين، الأول منع تسلل العناصر المسلحة إلى الداخل المصري ولا سيما بعد تجمع عناصر تابعة لتنظيم "داعش"، تسللت من ليبيا، بغرض تنفيذ عمليات داخل مصر، والاستفادة من المساحات الواسعة في الصحراء الغربية.

أما الشق الثاني، فيتعلق بسلاح الطيران الحربي، وهو ما يرتبط بإجراء عمليات مسح شامل على مدار اليوم بطول الشريط الحدودي، وإجراء مناورات دقيقة ومحددة.

فيما يؤكد الخبير الليبي عبد الكافي، أن هناك دعمًا عسكريا مصريا كاملا لليبيا ما بين الإمداد بالمعلومات وتدريب قوات، فمصر تخشى وجود أي قوات لتنظيم داعش الإرهابي على حدودها الغربية، والتركيز مع من استطاعوا التسلل إلى حدودها الشرقية والتفرغ للقضاء عليهم.

ويضيف : "كلنا نلاحظ الحديث المصري المستمر في كل المحافل برفع حظر السلاح عن ليبيا؛ لأنها تريد تعزيز قدرات خليفة حفتر في شرق ليبيا حتى يكون قادرا على مواجهة التحديات والجماعات المتطرفة".

ولم يتسن التأكد من تلك المعلومات، من مصدر مستقل أو الحصول على تعليق فوري بشأنها من الجيش المصري، غير أن تقارير صحفية عدة تتحدثت عن دعم عسكري مصري لحفتر، وسط تأكيد مستمر من القاهرة أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تتدخل في الشؤون الليبية.

لكن الخطر الداعشي بليبيا يبدو متجاوزا اهتمام القاهرة لما وراءها دوليا ، إذ نسب تقرير صحفي غربي نشر أمس الاثنين إلى مسؤولين أمريكيين ومصادر أمنية مصرية (لم يسمهم) قولهم إن روسيا نشرت، خلال الأيام الأخيرة، قوات خاصة وطائرات بدون طيار في قاعدة جوية بمنطقة سيدي براني غربي مصر على بعد 100 كم من حدودها مع ليبيا، وذلك وسط تقارب بالمواقف المصرية والروسية في الملفين السوري والليبي.

وفي المقابل نفي مصدر عسكري مصري مسؤول للأناضول اليوم الثلاثاء، صحة هذه الأنباء قائلا "غير صحيح تماما. هذه مزاعم (..) مصر لها سيادة ولا تقبل بذلك ولا قوات أجنبية نهائية بمصر".

وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، نفى أيضا في أكتوبر/تشرين أول الماضي، تقريرا مشابها نشره موقع تلفزيون "روسيا اليوم" الرسمي حول مفاوضات بين القاهرة وموسكو لاستئجار قاعدة عسكرية، غربي البلاد، قائلا: "لن نسمح بوجود قواعد عسكرية أجنبية في مصر".

وفي فبراير/ شباط 2015 كان الجيش المصري وجه ضربة جوية "مركزة" ضد أهداف لـ"داعش" بليبيا، رداً على إعدام التنظيم 21 مسيحيا مصريا مختطفا ذبحا في الجارة الغربية ل إنها بالتعاون مع قوات الجيش الوطني الليبي.

ونهاية نوفمبر/ تشرين أول الماضي، نفذت وحدات من الجيش المصري "أكبر المناورات العسكرية" بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية، على الحدود مع ليبيا، حول تقديم "بيان لاقتحام بؤرة حدودية والقضاء على العناصر الإرهابية المسلحة قبل اقترابها من خط الحدود الدولية".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın